كل الاخبار الاخبار

على هامش فعاليات اليوم الثالث لمتلقى القاهرة الدولي الخامس للشعر العربي

على هامش فعاليات اليوم الثالث لمتلقى القاهرة الدولي الخامس للشعر العربي تحت رعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة، والذي ينظمه المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي، عقد صباح اليوم الجلسة البحثية الثالثة برئاسة الدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة الأسبق بقاعة المجلس.

بدأت الجلسة بكلمة الناقد وشاعر المقاومة الفلسطيني عز الدين المناصرة بعنوان "الشعر ومستويات التلاقي" ، قائلا لقد كان (مبدع النص)، هو مركز التفسير في النقد الأدبي وما حوله، وكان العرب تهتمون بشاعرها، بنفس القدر من الاهتمام بالنص، وربما أكثر. فالشاعر هو وزير إعلام القبيلة، حتى ارتقى النقد نحو كشف ما يشبه المعنى الحقيقي للقصيدة، لكن نقاد العصر الحديث اكتشفوا أنه لا توجد قراءة واحدة للنص، وهو يتفق تماما مع هذه النظرية.

ومن المؤسف أن عددًا من النقاد والشعراء قد تحدَّثوا عن مفهوم واحد للحداثة الشعرية وهو (الحداثة التقنية)، مع أن القراءات (المتعددة)، هي التي تسهم في التقرُّب من المعنى المخبوء في القصيدة، فلقد طغت (الأحادية) على معظم النقاد حين عالجوا شعر روَّاد الشعر العربي الحديث، وفي كل الأحوال، فإن القراءة، تقتضي تحديد العناصر المهمة عند القراءة وهي:
النص: هو المنجز الشعري في قصيدة مفردة أو في مجموعة شعرية، الذي ظهر في (زمن ما)، ومكانٍ ما.
المبدع: هو مؤلف النص، الذي لا يحتجب، لأنه المالك الفعلي للنص.
القارئ: أصبح القارئ يتقدم على المبدع في العصر الحديث في ظل (ثقافة الشك أو الارتياب)، التي أسس لها: "ماركس"، و"نيتشه"، و"فرويد"، حتى جاء "رولان بارت"، ليعلن (موت المؤلف) في خمسينيات القرن العشرين.
عملية الإنتاج: قراءة شبكة العلاقات في النص الشعري، بتفكيك رموزه، واستعاراته.
عملية التناص، والتلاص: اللغة هي حاملة المعنى، وهنا تقول "كريستيفا": "الاشتغال على اللسان، يفترض ضرورة العودة إلى البذرة الأولى، التي يتحدد انطلاقًا منها، المعنى وذاته معًا". :
ومنذ أن ظهرتْ نظرية "موت المؤلف"، قد علىا دور القارئ ليجلس إلى جانب النص، ولا يمكن الجزم بأن المؤلف قد مات، لكن الحقيقة هي أن دور القارئ العادي، والقارئ المتخصص، قد ارتفع إلى أعلى، ثم جاء علم "الهيرمينوطيقا" آى علم التأويل، الذي هو أعلى مناهج القراءة بالمفهوم المعاصر.

وتتنوع درجة التميز من بلد إلى آخر ومن زمن إلى آخر مثلما حدث مع المطرب اللبناني مارسيل خليفة الذى غنى قصيدة "بالأخضر كفناه" عام 1976 وقصيدة "جفرا أمي" في نفس العام.

وختاما هكذا نجد أحيانًا أن درجات التلاقي تتغير حسب ثقافات النخب، ففي ظل صعود العولمة انخسف مستوى التلقي للشعر، لهذا ركضت العولمة فورًا إلى تغيير استراتيجيتها نحو دعم الرواية في الميديا، وحثَّت الدول الغنية على تأسيس جوائز بمبالغ خيالية أحيانًا


ثم انتقلت الكلمة إلى الدكتور والشاعر العراقي على جعفر العلاق مستوضحا موضوع مقاربة النص الشعري الحديث، متسائلا: أهو نصٌّ يتشكَّل من جماع ما نسميه قصيدة التفعيلة واشتراطاتها الفنية والجمالية الراسخة، أم نصٌّ نثريٌّ التقت فيه خصائص محددة جعلت منه وسيطًا شعريًّا لافتًا، بعد أن حقنته بما ينتقل به إلى مستويات تعبيرية مغايرة؟

بالتأكيد هناك عدة معوقات التي تحول، على اختلافٍ في الطبيعة وتباينٍ في المكونات، دون الوصول إلى ما يخطِّط له المتحدث، تلك المعوقات، منهجيٌّ بامتياز يتعلق، فيما يتصل بقصيدة النثر تحديدًا: طبيعة النشأة ومسوغات الحال، وقد يدعو ذلك الى شقاقٍ مفاهيمي وجمالي حين يذهب بكلية النقاش إلى فضاءٍ تبشيري حينًا، ونقابي شديد الضيق حينًا آخر.

وهناك حضورٌ كميٌّ طاغٍ للنصوص النثرية، غبارٌ من الكلام الذي يملأ شقوق المكان دون أن يضيء، وفي أحيانٍ كثيرةٍ دون أن يحتكم الى معيارٍ ما. وكأنه كلامٌ لا يُسأل عن مرجعيته، باستثناء ما يجمع عليه المنجز النثري: هجرانٌ لكل ما يمكن التحقق من حضوره في النص: وأعني هنا الايقاع أو الوزن وما يترتَّب عليه من ترابطاتٍ في النسيج أو الرؤية.

وفي المقابل ثمَّة قصيدةٌ حسمت جدل التسمية منذ زمنٍ طويلٍ، لكنها لم تحسم قضية انتمائها الجمالي والرؤيوي.

وختم بسؤال حول ما إذا كان هناك طريق آخر تسلكه القصيدة الوزنية؟
طريق تسلكها القصيدة، عزلاء إلا من طاقتها الشعرية، إلا من موهبة الشاعر الفرد الذي يشقُّ مساره، وحيدًا، في قارةٍ من البياض والسهر والمعرفة. دون قبيلةٍ باطشةٍ. دون شلليَّاتٍ وراياتٍ ومصفِّقين. دون موظف العلاقات الذي يكمن في داخله ليبشر بفتوحاتٍ شعريةٍ قد يكون بعضها، أو الكثير منها، متوهمًا أحيانًا


وختمت الجلسة بكلمة الشاعرة المصرية رشا الفوال بعنوان: "شعرية الجسد من الذات الفاعلة إلى إدانة الآخر: مُلخص دراسة أدبية من منظور نفسي"، حيث تناولت هذه الدراسة بالتحليل شعرية الجسد من الذات الفاعلة إلى إدانة الآخر، في دواوين:
"اسمي ليس ليلى" للشاعرة المصرية عبير الفقي، و"يفسر للريح أسفارها" للشاعر المصري سامح محجوب، و"سيلفي مع ظل بعيد" للشاعرة المغربية زكية المرموق، و"النسوان" للشاعر المصري عمرو الشيخ، و"ليتني عاهرة" للشاعرة التونسية يُسر بن جمعة، و"كامل الأوصاف" للشاعر المصري سمير درويش؛ من أجل مساعدة المتلقي على استقراء مواطن الجمال والاحتفاء بالفعل الجسدي الظاهر باعتباره ترجمان للعالم النفسي الداخلي للإنسان أو نفيه سيكولوجيًّا كعلامة على الاستلاب الذي يكشف عنه المتن الشعري، كل ذلك من خلال محاولة فهم التناقضات بين (الذات) و(الآخر) التي تم تحديدها في عدة مباحث:
المبحث الأول: حتمية الاغتراب الجسدي في الشِّعر
المبحث الثاني: ثنائية (الجسد/الهوية) وفتنة النَص
المبحث الثالث: الجسد المُتخيل وخطاب الشِّعر
المبحث الرابع: ذاكرة الجسد البصرية من الصمت إلى الصخب
مدخل حول علاقة علم النفس بالأدب.